مشروع إعادة تأهيل شارع الخالدي
This article is also available in English.
أيار 2017
بدأ الشارع المعروف بشارع الخالدي (إسمه الرسمي هو شارع إبن خلدون) بالتحول إبتداءً من أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي من شارع سكني إلى شارع طبي ذات كثافة عالية يضم عيادات ومختبرات وصيدليات تتمحور حول مستشفى الخالدي الذي يعد من أفضل مستشفيات الأردن. وقد أدى تدفُق الأعداد الكبيرة من المرضى والزوار إلى الشارع، بالإضافة إلى بنيته التحتية غير المؤهلة لذلك، إلى سوء إدارة حركة المرور وإرتفاع مستويات الإزدحام وظروف فوضوية يتنافس فيها المشاة والسيارات.
وقد توصلت أمانة عمان الكبرى في الفترة الأخيرة إلى الإستنتاج بأن مشاكل الحركة في الشارع قد تصاعدت إلى مستويات مقلقة، وبالتالي قامت بتنفيذ مشروع للتخفيف من حدة بعض هذه المشاكل. وهذا المشروع هو واحد من المشاريع القليلة في عمّان والأردن التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للمشاة. وهو أوّل مشروع منذ مشروعيْ شارع الوكالات وشارع الرينبو - الذين تم تنفيذهما في عمّان منذ حوالي عشر سنوات - يهدف إلى تعزيز سهولة حركة المشاة في المدينة.
وخلافاً لمشورعيْ شارع الوكالات وشارع الرينبو، فإن مشروع إعادة تأهيل شارع الخالدي تداول القضايا المرتبطة بحركة المشاة وحركة المركبات ومواقف السيارات بدرجة عالية نسبياً من الطموح. إنه يتميّز بعلامات واضحة مدهونة على الشارع تحدد الأماكن المخصصة لوقوف السيارات على جانبيه، وتلك المخصصة لوقوف سيارات ذوي الإعاقات وسيارات التكسي التي رُسمت باللونين الأزرق والأصفر على التوالي. وكذلك وضعت أعمدة منخفضة لمنع السيارات من وقوف على الأرصفة كما هو معتاد في عمّان. بالإضافة إلى ذلك، تعاونت أمانة عمان مع مزوّد خدمة الدفع الإلكتروني aya.jo لإدخال آلية للإصطفاف المدفوع على الشارع خلال ساعات معينة من اليوم. وتمكن هذه الآلية السائقين دفع أجرة وقوف سياراتهم بإستخدام حسابات قابلة لإعادة الشحن من خلال هواتفهم الذكية. وكذلك يمكنهم شراء رصيد للإصطفاف من محلات السوبرماركت أو من مقصورات aya.jo الموجودة على طول الشارع. وكان من المفروض أن تُطبق آلية إصطفاف السيارات هذه إبتداءً من الأول من أيار ٢٠١٧، ولكن شهر أيّار قد أنتهى ولكن آلية الإصطفاف هذه لم تُنفذ حتى الآن (إننا نتابع الموقع بشكل دوري، ولم يتم تطبيق آلية الإصطفاف من خلال الدفع الإلكتروني حتى كانون الثاني 2020!) .
وقد تم تطوير البنية التحتية للمشاة في الشارع بشكل كبير من خلال توسعة عرض الأرصفة، وتحديد ممرات عبور الشارع للمشاه بوضوح، وإضافة منحدرات تربط الشوارع بالأرصفة مما يسهل الإنتقال بين الشارع والرصيف للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن. وقد أدت هذه التدخلات إلى تغيير طبيعة الشارع تماماً، وكذلك فإن إضافة المقاعد وحاويات النفايات والأحواض المزروعة قد جعلت الشارع أكثر جاذبية بصفته مساحة عامة.
وقد قام فريق المركز بتوثيق وإختبار التغييرات التي أُجريت على الشارع من خلال الفيديو التالي.
من الواضح أن هذه التغييرات هي خطوة في الإتجاه الصحيح من حيث تحسين البنية التحتية للمشاة وتنظيم إدارة حركة المرور. ولكننا لاحظنا للأسف أن الكثير من الناس يسيؤون إستخدام الشارع ومرافقه عمداً حينما يستطيعون ذلك. فبالرغم من وجود لافتات واضحة، فإن عدم تطبيق التعليمات يعني أن مستخدمي الشارع ما يزالون يحاولون "التغلب على النظام" كما يتضح من إنتشار العديد من مخالفات السيارات بما في ذلك وقوف السيارات في المناطق غير المسموح الوقوف فيها، وحتى على بعض الأرصفة. ووجدنا أيضاً أنه لا يتم أبداً الإلتزام بعدم وقوف السيارات في الأماكن المخصصة لأصحاب ذوي الإعاقة وسيارات الأجرة لمن لا يحق لهم الوقوف فيها. وما يزال عدم إلتزام سائقي السيارات بقوانين وتعليمات المرور مشكلة رئيسية يعاني منها الشارع، وإن لم يتم تطبيق قوانين الإصطفاف فيه بحزم، فإن العديد من التحسينات التي تم تنفيذها في الشارع ستكون عديمة الفائدة.
وبالرغم من أن منحدرات المشاة التي أضيفت حديثاً تقدم تحسناً ملحوظاً نسبة للوضع السابق، إلا أن هناك منحدرات يصعب التنقل من خلالها دون مساعدة، وخاصة عند الوصول إلى العيادات أو المباني التي لا تقع على شارع الخالدي مباشرة. وهناك أيضاً ممرات تعيقها السيارات المصفوفة بشكل غير قانوني. وعلاوة على ذلك، فإن معظم السائقين لا يتوقفون للمشاة في ممرات المشاة، كما ينبغي، ولكن سرعة حركة المرور البطيئة السائدة في الشارع تسمح عادة للمشاة بعبوره بسهولة نسبية وبسلامة.
وبالرغم من أوجه القصور هذه، فإن شارع الخالدي كما أعيد تأهيله قد أصبح واحداً من أكثر الشوارع الصديقة للمشاة في عمّان. وقد مشينا على طول شارع مثقال الفايز، وهو شارع قريب وموازي لشارع الخالدي، لتسليط الضوء على الإختلافات بين شارع عادي في عمّان والتحسينات التي أجريت في شارع الخالدي.
تتصف الأرصفة على طول شارع مثقال الفايز بتغيرات مفاجئة في المستوى وببلاط أرصف مكسرة. وعلاوة على ذلك، يكاد يكون من المستحيل المشي بضعة أمتار دون الحاجة إلى النزول من الرصيف إلى الشارع بسبب وجود عائق مثل شجرة أو عامود كهرباء أو حاوية قمامة أو سيارة مصفوفة - مما يبين تناقضاً صارخاً مقارنة مع الوضع في شارع الخالدي بعد إعادة تأهيله.
إن مشروع إعادة تأهيل شارع الخالدي خطوة في الإتجاه الصحيح، إذ أن المشروع يؤكد على حقوق المشاة ويبين محاولات تنظيم إستخدام الشارع بشكل يأخذ المشاة بالإعتبار. إن تحسين مستوى الشوارع الأخرى في عمّان على نفس النمط سيساعد في إنشاء شبكة أفضل للمشاة في المدينة، وسيساهم في جعل المشي وسيلة أكثر إنتشاراً وأسهل للتنقل فيها.